كيف السبيل لتكون مديرا في عالم سريع التقلبات وشديد اﻻضطرابات؟ أي الفصول والحلقات اﻹدارية والدرجات العلمية في حقل اﻷعمال التي يمكن أن تصنعك لمواجهة التحديات خﻼل هذا القرن؟ من أجل هذا وذاك يعد علم اﻹدارة مزيجا من الفن والعلم في آن واحد. أما كونه فنا فﻸن كثيرا من المهارات اﻹدارية ﻻ يمكن تعلمها من خﻼل الكتب، والواقع يؤكد ذلك وكم من ناجح في التجارة واﻷعمال لم يسمع بمدرسة هارفارد لﻸعمال ولم يطلع على آدابها، فاﻹدارة ممارسة مثل أي رياضة نمارسها ونتقن قوانينها. واﻹدارة علم ﻷن نمو علوم اﻹدارة والحقائق الموضوعية التي تصف اﻹدارة وكيفية حصول التأثير التنظيمي واضح وجلي. ولذلك فإن المعارف والعلوم يمكن نقلها بالتعليم والكتب ولكن كي تصبح مديرا ناجحا فﻼ بد من مزيج من الدراسة النظامية والممارسة ومزيج من الفن والعلم.*دوقﻼس مكروجر رئيس كلية آنتيوتش بوﻻية أوهايو أحبط من بساطة أفكار العﻼقات اﻹنسانية والمدرسة التقليدية. ولذلك بناء على خبراته كمدير ومستشار وتدربه كعالم نفساني وممارس على أعمال ماسلو جعلته يتحدى كﻼ اﻻتجاهين المنظور التقليدي وكذلك فرضيات العﻼقات اﻹنسانية اﻷولى حول السلوك اﻹنساني. شكل مكروجر نظريتيه (x) و(y )والتي يعتقد أن المنظور التقليدي أسس على فرضيات نظرية (اكس) حول العاملين، كما انه يشعر أن تعديﻼ طفيفا ﻻ بد من إدخاله على أفكار العﻼقات اﻹنسانية. بمعنى آخر أفكار العﻼقات اﻹنسانية تتسم بالسطحية كما يرى مكروجر ويفترض أن نظرية (وآي) أكثر واقعية للعاملين لقيادة الفكر اﻹداري.*الفكرة الرئيسة في نظرية (وآي) أن المنظمات ﻻ بد أن تستفيد من خيال وأفكار موظفيها. الموظفون منضبطون بأنفسهم وسيسهمون في أهداف المنشأة عندما يمنحون الفرصة. اليوم قليل من الشركات من يتبنى نظرية (أكس) اﻹدارية، بينما الكثير ﻻ يزال يتبع نظرية (وآي). وتتلخص فرضيات نظرية (أكس) في أن الناس بطبيعتهم يميلون للدعة والكسل ويكرهون العمل ويتحاشونه بقدر المستطاع. وبسبب هذه الخصائص والسمات المتأصلة في البشر فإنه يجب أن يكره الناس ويحكمون ويوجهون بل يخوفون بالعقوبات لتوجيه الجهود نحو انجاز أهداف المنشأة. ولذلك يرى أن الناس العاديين (العامة) يفضلون أن يوجهوا وذلك رغبة منهم في تحاشي المسئولية، كما أنهم نسبيا غير طامحين إلى سبل المعالي، ويتوقون إلى سلطة عليهم ليشعروا باﻷمن واﻻستقرار.*بينما تتلخص فرضيات نظرية (وآي) في أن ما ينفق من جهد ذهني وجسدي في العمل يعد أمرا طبيعيا وصحيا مثل اللعب أو الراحة. واﻹنسان العادي ﻻ يكره العمل فطرة، كما أن التحكم والسيطرة الخارجية والتهديد بالعقوبات ليست الوسائل الوحيدة في توجيه الجهود نحو تحقيق أهداف المنظمة. والشخص بداهة سيتمرن على توجيه نفسه والسيطرة عليها لخدمة اﻷهداف التي يلتزم بها. واﻹنسان العادي كائن متعلم إذا هيئت له ظروف وأوضاع مناسبة ليس فقط لقبوله المسؤولية بل حتى البحث عنها والسعي لها. كما أن استيعابه ومقدرته التدريبية على مستوى عال من الخيال والبراعة والدهاء واﻹبداع في حلول مشاكل المنشأة على نطاق واسع ويعتبر متأصﻼ في كل الفئات. وأخيرا يرى مكروجر انه في ظل اﻷوضاع الحديثة للحياة الصناعية ﻻ يمكن اﻻستفادة الكاملة من اﻹمكانات الفكرية للشخص العادي.*إن تداخل العلوم اﻹدارية وتشعبها يحتم علينا أن نعرج على أسس وقواعد التحفيز حول طموح الموظفين واستخدام المكافآت من وجهة نظر المدير. ولذا فإن مفهوم التحفيز هو إثارة وتوجه وإصرار على سلوك معين. ومرجع ذلك كله لدوافع وقوى داخلية وخارجية في الشخص تبعث الحماس واﻹصرار ﻷداء عمﻼ ما. وﻻبد أن يعلم أن جزءا من وظيفة المدير هي تحفيز العاملين لتحقيق أهداف المؤسسة. ﻻ أريد الحديث عن التحفيز فهذا حقل متشعب، غير أنه مدخل للموارد البشرية وفيه مناهج متباينة وطرائق متعددة كالطريقة التقليدية والمتمثلة في مدرسة تايلور اﻹدارة العلمية، وطريقة العﻼقات اﻹنسانية "الرجل اﻻقتصادي" وهذا مفهوم إداري انبثق من دراسة شيكاغو الشهيرة والمثيرة ولم يعمر هذا المفهوم طويﻼ واستبدل بمفهوم "الرجل اﻻجتماعي" ولدت هذه الفكرة وﻷول مرة يدرس فيها العاملون كبشر ومن هذين المفهومين تبنت مدرسة الموارد البشرية مفهوم اﻹنسان ككتلة كاملة وأخذت تقول إن العامل كائن بشري معقد ومدفوع بعوامل كثيرة. لقد كانت أعمال مكروجر هي وقود هذا اﻻتجاه والتي تلح على أن الناس يرغبون في إتقان أعمالهم والعمل بالنسبة لهم طبيعي وصحي مثل ممارسة اللعب.*المعارضون لفكر الموارد البشرية يعتقدون أن النظريات تﻼعبت بالعاملين من خﻼل المكافآت اﻻقتصادية واﻻجتماعية. وافتراض أن الموظفين مؤهلون وقادرون على أن يسهموا بإسهامات كبيرة وبهذا يستطيع المديرون تحسين أداء المنظمات. ومما ﻻشك فيه أن نظريات الموارد البشرية مهدت الطريق لبزوغ النظريات المعاصرة في تحفيز العاملين.*ولهذا فإن ما يصدر من كتب ومؤلفات ومواقع على الشبكة العنكبوتية وصحف يومية وأسبوعية ودوريات متخصصة في حقل علم اﻹدارة يبعث الدهشة في النفس ويؤكد على حيوية هذا العلم وضرورته. ومع أنه علم تجريبي ينطلق من البحث والدراسة والمﻼحظة غير أن المسحة المادية والوثنية عليه واضحة وجلية. وهناك تناقضات ظاهرة لعل الجمع بين بعضها متيسر لكن القوالب الجاهزة واﻻتجاهات والطرائق الجديدة تحتم عليك النزوع لهذه أو تلك. وﻻشك أنها تفيد الباحث للنظر من زوايا مختلفة.