هما كلمتان متطابقتان في أحرفهما، وبينهما بُعد المشرقين في معانيهما ودﻻﻻتهما.. وعلى الرغم*من ذلك فإن كثيراً ممن يعملون في المؤسسات الخيرية يخلطون بينهما؛ فيرون أن إرادتهم القوية والخيِّرة كافية لتشغيل مؤسساتهم بفعالية عالية دون حاجة إلى تطبيق مبادئ علم اﻹدارة المؤثرة ولعل أبرز أسباب تلك الرؤية ما يأتي:-*ضعف التصور والمعرفة بحقيقة علم اﻹدارة، ودوره في بناء المنظمات والشركات، وتحقيقه ﻷهدافها بأقل الجهود والموارد الممكنة.-*تصور البعض أن اﻹدارة علم صعب المرتقى، يشق عليهم فك طﻼسمه وحل عُـقده، ولذلك ﻻ يسعون إلى معرفته فضﻼً عن تطبيقه.-*اﻻعتقاد بأن إدخال النظم اﻹدارية في تلك المؤسسات سوف يعقّد أمورها، ويطيل إجراءات عملها، ويقيد من صﻼحيات مسؤوليها.-*تضخيم نجاحات المؤسسة وأنها حدثت –بعد توفيق الله– بإرادة المسؤولين دون حاجة إلى علم اﻹدارة.- تصوّر بعض المسؤولين أن تطبيق عناصر اﻹدارة الحديثة في المؤسسة التي يعملون فيها سيُـظهر لﻶخرين ضعفهم في فهم العملية اﻹدارية وتطبيقها، وقد يتسبب في إبعادهم عن المؤسسة أو على اﻷقل عن المناصب القيادية فيها.- ميل شخصية بعض المسؤولين وثقافته إلى عدم الرغبة في التجديد والتغيير في حياتهم كلها، ومنها حياتهم الوظيفية.- اعتقاد البعض أن الشهادة اﻷكاديمية العليا (في غير اﻹدارة) ضمان لكفاءة الشخص في إدارته للمؤسسة.-*التكلفة المادية لبعض التغييرات اﻹدارية التي غالباً ﻻ يراها المسؤول مكافِئة للتغيير المراد إحداثه، ولذلك يلجأ إلى اﻷسلوب الفردي واﻻجتهاد الشخصي في التغيـير، رغبة منه في تجنب تكاليف ليس لها مسوّغ كما يظن وهذه بعض الوسائل واﻹيضاحات التي آمل أن تكون معينة على معالجة تلك اﻷسباب:أوﻻً:*اﻻطﻼع العام على أداء المنظمات والشركات الناجحة سوف يُـظهر دور اﻹدارة البارز في إنجازاتها؛ سواء في المهارات اﻹدارية لدى مسؤوليها، أو اﻷنظمة واﻹجراءات المتبعة داخلها.ثانياً:*سيُـظهر ذلك اﻻطﻼع شدة التنافس بين تلك المنظمات والشركات في استقطاب الكفايات اﻹدارية المؤهلة، وفي الحرص على التعاقد مع الهيئات اﻻستشارية البارزة ﻹعادة تقويم أنظمتها ولوائحها وتطويرها.ثالثاً:*إن إدخال النظم اﻹدارية الحديثة وتطبيقها في المؤسسات الخيرية يساعد – بإذن الله – على سهولة العمل لديها وليس العكس، فليست العبرة في قلة اﻹجراءات أو في الصﻼحيات المطلقة داخل المؤسسة؛ وإنما العبرة في جودة ما تنتجه (المخرجات) تلك اﻹجراءات والصﻼحيات.رابعاً:إن حجم اﻷموال والجهود المبذولة في تلك المؤسسات الخيرية ﻻ يتناسب مطلقاً مع اﻹنجازات المتحققة، وكان من الممكن - في ظل تطبيق أنظمة إدارية فاعلة – الوصول إلى أضعاف أضعاف تلك اﻹنجازات، كما أن كثيراً مما يعده البعض نجاحات لتلك المؤسسات مبالغ فيه.هذا فضﻼً عن أن بعض تلك اﻹنجازات ليس من صنع المؤسسة نفسها، وإنما هي نتاج الجهات والشرائح اﻻجتماعية التي تشرف عليها. مثال ذلك: مؤسسة خيرية معنـية بإغاثة الفقراء وتأهيلهم، قام عدد من الغيورين في كل حي - بعد الحصول على تصريح من تلك المؤسسة -بافتـتاح العشرات من المراكز واستقطاب آﻻف الفقراء في مدينتهم وإغاثتهم وتأهيلهم، فهل يصح لتلك المؤسسة أن تعد تلك المراكز وأولئك اﻵﻻف من الفقراء الذين تم تأهيلهم ومساعدتهم من إنجازاتها ونجاحاتها، فيما هي لم تعمل سوى إعطاء التصاريح، واﻹشراف العام و (الفخري) على تلك المراكز؟خامساً:*إن تطبيق اﻷنظمة اﻹدارية في المؤسسة الخيرية سيدفع مسؤوليها - ما داموا حريصين على مؤسستهم - إلى اﻻرتقاء بعلمهم ومهاراتهم للحاق بتلك اﻷنظمة والتفاعل معها. ثم على فرض عدم استطاعتهم ذلك، فإن حسن مقصدهم وصﻼح نيتهم يجعلهم يسعون إلى نجاح المؤسسة، وليس إلى نجاحهم في بقائهم في وظائفهم.سادساً:*الصفات والسمات الشخصية للمسؤول ينبغي أﻻّ تؤثر سلباً على أدائه وقراراته في المؤسسة التي يعمل فيها؛ فقد تحتاج المؤسسة إلى اتخاذ قرار سريع وشجاع في وقت ما، فﻼ يعني كون المسؤول صاحب القرار بطيئاً ومتردداً في حياته الخاصة أن يكون كذلك في قراراته وإدارته في المؤسسة.سابعاً:*اﻹرادة الصادقة ﻻ تُـغني عن اﻹدارة الفاعلة.ثامناً:*تصور البعض أن اﻹدارة علم يصعب فهمه وفك رموزه تصور غير سليم، مرده إلى أن "اﻹنسان عدو ما يجهل"؛ فكثير من المهارات اﻹدارية يجيدها البعض وهم لم يدرسوا علم اﻹدارة قط، كما أن التعلم والتدرب على تلك المهارات ليس صعباً. فكم من الرؤوساء والمديرين أمضوا ردحاً من أعمارهم ﻻ يعرفون عن اﻹدارة شيئاً، ولكن التطور والتقدم الحاصل في مجال أعمالهم، والتنافس مع اﻵخرين، جعلهم يدركون الركب، ويحصلون على ما يُـمكِّنهم من مجاراة منافسيهم، وذلك عن طريق اﻵتي:- الدورات التدريبية القصيرة.- الندوات وورش العمل والمحاضرات.- قراءة الكتب المبسطة في اﻹدارة.- التعاقد مع مكاتب استشارية لتقديم مشورتها، وللتدريب على رأس العمل.- تعيين المتخصصين في اﻹدارة لﻼستفادة منهم.تاسعاً :*إن المسؤولين في الجهات الخيرية ﻻ يحتاجون إلى اﻹلمام بتفاصيل العملية اﻹدارية ودقائقها؛ وإنما يكفيهم المعرفة العملية والتطبيقية للمعالم البارزة في اﻹدارة، التي ﻻ غنى لهم عنها، وكما قيل "ماﻻ يُدرك كله ﻻ يُترك جُله"وهذا أبرز ما يحتاج إليه كل مسؤول في الجهات الخيرية في علم اﻹدارة:-عناصر اﻹدارة: (التخطيط، التنظيم، التوظيف، التوجيه، الرقابة).- لقيادة: مهارات اﻻتصال الفعّال، صنع القرار، إدارة الوقت، بناء فريق العمل، إدارة اﻻجتماعات التأثير في الناس، التحفيز، فن التغيير، مهارات القائد، فن اﻹبداع.وختاماً:*فالمؤمّل أن يكون في هذا المقال أيضاً دعوة للمختصين في اﻹدارة لتقديم زكاة علمهم وخبراتهم وخدماتهم إلى المؤسسات الخيرية المحتاجة إليهم، سواء بالمحاضرات أو الدورات أو اﻻستشارات ونحوها.