يصور البعض العﻼقة بين الموظف والمدير وكأنها حرب طاحنة تكون مستعرة تارة وتكون باردة تارة أخرى، ويتخيل البعض أن الموظف هو الطرف المغلوب على أمره في هذه المعركة في حين يكون المدير هو الطرف الغالب كيف ﻻ وهو في بعض اﻷحيان يكون الخصم والحكم.وتعد العﻼقة بين الموظف والمدير من أهم العﻼقات في مجتمعنا فكل مدير لن يستطيع اﻹنجاز إﻻ من خﻼل موظفين، وكل موظف لن يقوم بإنجاز المهام وتنفيذ اﻷعمال ما لم توكل إليه من قبل إدارته، وقد تكون هذه اﻷعمال التي تربط هذين الطرفين أعماﻻ في دوائر حكومية تخص مواطنين أو في شركات أو مؤسسات أو غيرها من اﻷمور التي تخص عامة أفراد المجتمع، فإذا لم تكن مثل هذه العﻼقة مستقرة فإن الجميع خاسرون، فالموظف لن ينجز والمدير لن يحقق أي نتيجة والفرد لن يجد من يخدمه وسيخسر المجتمع أيضاً لعدم توافر الخدمات.ويقضي الموظف مع مديره في كل يوم قرابة ثماني ساعات وهي فترة زمنية طويلة ﻻ يقضيها كل منهما مع أقرب الناس إليه كزوجته وأبنائه، ولذلك فمن مصلحة الطرفين أن تكون هذه العﻼقة مستقرة وصحية وإﻻ فستكون حياة كل منهما كالجحيم وستؤثر هذه العﻼقة في اﻻرتباطات اﻷخرى اﻻجتماعية مثل اﻷسرة أو باقي اﻷصدقاء خارج العمل، بل وأحياناً تؤثر في الحالة الصحية أيضاً، فكثيراً ما نسمع أن فﻼنا أدخل مديره المستشفى أو أن فﻼنا ارتفع عنده الضغط أو معدل السكر أثناء العمل ونقل للمستشفى.ويعمد بعض المديرين على أن يتعاملوا مع الموظفين وكأنهم عبيد لديهم فﻼ يحترمون لهم شخصية وﻻ توجد لهم مكانة وﻻ احترام فيغدو الموظف كالعبد يعمل ثماني ساعات يصمت فيها إن تكلم المدير ويطأطئ رأسه إن حضر ويلبي له كل رغباته وطلباته سواءً كانت لها عﻼقة بالعمل أو ليس لها عﻼقة بل إن بعض الموظفين وأحياناً رؤساء اﻷقسام يتم استخدامهم كسائقين أو مراسلين أو معقبين فهم يجب أن يكونوا على أهبة اﻻستعداد دائماً فجواﻻتهم تكون مفتوحة باستمرار ويمكن أن يطلبوا في أي وقت وﻷي عمل بل قد يحرم بعضهم من اﻹجازات السنوية حرصاً على قضاء مصالح المدير أثناء إجازته.ومع كل مظاهر العبودية هذه فإنه ﻻ يحق للموظف أن يطالب بعﻼوة أو زيادة في الراتب أو ترقية بل عليه أن يعمل ويعمل ويعمل حتى يأتي فرج الله، بل عليه أن يحمد لمديره أنه جعله يستمر في هذا العمل وأن مديره صابر عليه ولم ينه خدماته، وقد يلجأ بعض المديرين إلى تقديم المال لموظفيهم ولكن ما قيمة المال إن عدمت كرامة اﻹنسان وما جدوى الترقية وتقلد المناصب إن كان اﻹنسان بينه وبين نفسه يشعر بأنه مهان ذليل ﻻ قيمة له.*إن العﻼقة بين المدير والموظف هي عﻼقة ﻻبد أن تبنى في اﻷساس على اﻻحترام والتقدير وعلى أن يحفظ كل طرف حقوق الطرف اﻵخر كإنسان فيحترم فيه إنسانيته وبشريته وكرامته وﻻ يسعى لتجاهلها أو تهميشها أو اﻻنتقاص منها، فالمناصب ﻻ تستمر والمال يذهب ويأتي والوظيفة ﻻ تبقى مدى الدهر بل ما يبقى هو الفعل الحسن والذكرى الطيبة والسمعة التي تنتج من خﻼل تعامل كل طرف مع اﻵخر.إن على المدير أن يعتبر موظفيه أعواناً له يشجعهم إذا أحبطوا ويصحح لهم إذا أخطأوا وينبههم بلطف إذا تقاعسوا ويحارب من أجل الحصول على حقوقهم ويربط مصيره بمصيرهم، فنجاحهم نجاح له وﻻ يتخلى عنهم سعياً خلف مصالحه بل يضع نفسه معهم في خندق واحد، وعلى الموظفين كذلك أن يكونوا عوناً لمديرهم يقفون بجواره لتحقيق أهداف منشأتهم ويكونون عوناً له لينجح الجميع وﻻ يخذلونه بل يحرصون على نجاحه، فنجاحه من نجاحهم وفشله لن ينحصر عليه بل سيشملهم.إن عﻼقة المدير بالموظف من أهم العﻼقات، وهي عﻼقة يجب أن يسودها الود واﻻحترام واللطف وقبل ذلك وبعده التقدير الذي هو عمود هذه العﻼقة وأساسها.*