أجمل ما قيل في حُسن الخط
لقد كتب الأولون في كتبهم عن آداب الكتابة العربية وضوابطها ، ولا غنى لمن يريد الرجوع إلى هذه الآداب من الاطلاع على بعض هؤلاء الأولين في الكتب التالية مثل : (صبح الأعشى ، والعقد الفريد ، وأدب الكتاب ، والفهرست ).
وبودي أن اقتطف بعض ما قيل فيه : إذا كان الخط حُسن الوصف ، فليح الرصف ، مفتح العيون ، أملس المتون ، كثير الائتلاف ،
قليل الاختلاف ، هشت إليه النفوس ، واشتهته الأرواح حتى إن الإنسان ليقرؤه ولو كان فيه كلام دنيء ومعنى رديء ، مستزيدا منه ولو كثر من غير سآمة تلحقه ، إذا كان الخط قبيحاً ، مجته الفهام ولفظته ، العيون والأفكار ، وسئم قارئه ، وإن كان فيه من الحكمة عجائبها ومن الألفاظ غرائبها .
ويقولون فيه أيضاً : أجود الخط أبينه ، والخط الحسن هو البين الرائق البهيج ، وينصحون كل من يريد تجويد خطه بقوله : ألق دواتك ، واطل شباه قلمك ، وفرج بين السطور ، وقرمط بين الحروف.
وسأل الصولي بعض الكتاب عن الخط : متى يستحق أن يوصف بالجودة فقال : إذا اعتدلت أقسامه ، وطالت ألفه ولامه ، واستقامت سطوره ، وضاهى صعود حدوده ، وتفتحت عيونه ، ولم تشتبه راؤه ونونه ، وأشرق قرطاسه ، وأظلمت أنفاسه ، ولم تختلف أجناسه ، وأسرع إلى العيون تصوره ، وإلى القلب تنمره ، وقدرت فصوله ، و اندمجت أصوله وتنأسب دقيقه وجليله ، وتساوت أطنابه ، واستدارت أهدابه وصفرت نواجذه ، وخرج عن نمط الوارقين ، وبعد عن ، تصنع المحررين ، وخيل أنه يتحرك وهو ساكن .
كما قيل في وصف الكتابة وآلاتها ، قال : في كتاب نسيم الصبا لابن حبيب الحلبي : الكتابة ألهمك الله تعالى ، معرفة فضلها ، ولا حرمك نقع صداقة أهلها ، أشرف الوظائف والمناصب ، وأرفع المنازل والمراتب ، وأفلح صناعة ، وأربح بضاعة ، قطب دائرة الآداب ، وصدر أسرار الألباب ، ورسول صادق ، ولسان بالحق ناطق ، وسيف تحد بحده المعارف ، وميزان يميز التالد من الطارف ، تلحق خبر الحاضر بالغائب ، واليها تنتهي الآمال
والرغائب ، بها تتم النعمة ، وتفصل شذور الحكمة