|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||
|
||||||
عيوب المديرين في الإدارة
لعل من أسوأ عيوب المديرين إدارتهم ﻷعمالهم من مكاتبهم فقط واﻻعتماد على التقارير التي ترفع إليهم عن سير العمل بل وإطﻼق الثقة في هذه التقارير واعتمادها كمصدر وحيد عند اتخاذ القراراتفيدير المدير إدارته من برج عاجي، يسمى حجرة مكتب المدير العام وإذا رفعت إلى شكوى أو مﻼحظة بغير ما يعلم عن مؤسسته اتهم قائلها بالبعد عن الحقيقة، بل وأحيانا يتهم القائل بأنه مغرض، وأحيانا يسفه رأيه ويضع على الناصح له دوائر حمراء، وﻻ يدري أن العيب فيه هو وليس في الناصح له، وهو ﻻ يفكر مطلقًا في النزول إلى مواقع العمل ليرى كل شيء على طبيعته، ويحدث ﻻ محالة انفصال تام بين اﻹدارة من ناحية وبين العمل والمرؤوسين من ناحية أخرى، وﻻ يكتشف المدير تلك المشكلة الكبيرة إﻻ بعد وقوع كارثة يكون ـ أي المدير ـ أكبر ضحاياها، ولذا وجب على كل مدير أن ينتبه إلى ذلك الخلل في إدارته قبل وقوع الكارثة. وهذا الكتاب ينبه المديرين إلى ذلك الخلل، والكتاب بعنوان }جمبا كايزون{، وهما كلمتان يابانيتان، و'جامبا' هي إدارة المكان، وهي تعني أن اﻹدارة تكون في الموقع الفعلي لﻸحداث، وﻻ تنفصل عنه، و'كايزون' هي إدارة الزمان، وهي تعني التطوير المستمر للعمل لتخفيض التكاليف ورفع اﻹنتاجية. وهذا اﻷسلوب الياباني يتلخص في عدة نقاط أساسية:*أوﻻً: إذا حدثت مشكلة انزل فورًا إلى موقع الحدث فتواجدك السريع في موقع الحدث أو المشكلة يقضي على 50% منها؛ ﻷن المدير الناجح بيده كل مفاتيح الحسم فينبغي أﻻ يغيب عن موقع الحدث، وإياك أن تعتمد على التقارير؛ ﻷنها عادة ما تكون متحيزة إلى أحد وجهتي النظر، وإذا اعتمدت عليها وحدها فلن تأخذ قرارًا إﻻ لتأييد وجهة النظر الموجودة في التقارير، أما وجهة النظر اﻷخرى والتي قد تكون هي اﻷصوب لن تتفهمها أو تقتنع بها ﻷنك من اﻷصل لم تسمعها.*وهذا رسول الله e انظر كيف كان يتعامل مع أصحابه في حل المشاكل: كان دائمًا في موقع كل اﻷحداث يعيش مع أصحابه كل مشكﻼتهم ويتدخل في حل المشكلة بسرعة. فذات يوم حدث خﻼف بين أبي ذر الغفاري ـ وكان حديث عهد باﻹسﻼم ـ وبين بﻼل بن رباح، فقال أبو ذر رضي الله عنه لبﻼل: يا ابن السوداء. ولك أن تتخيل لو أن هذه المشكلة تركت ليوم واحد فقط في مجتمع عربي يأبى الذل والخنوع ربما حدثت مشكلة لن يستطيع أحد أن يحلها، ولكن الرسول e تدخل سريعًا وقال ﻷبي ذر: »إنك امرؤ فيك جاهلية« وهنا يشعر أبو ذر بالخطأ ويهدأ بﻼل ﻷن القيادة أحيطت علمًا وهو يثق في قيادته أنها تستطيع أن ترد له حقه وبالفعل يشعر أبو ذر بالندم ويضع خده على اﻷرض ويطلب من بﻼل رضي الله عنه أن يطأ بقدمه على خده ويصفح عنه، ولكن بﻼﻻً يرفض ويرفع أخاه ويقبله. إننا ﻻ ننكر حسن أخﻼقهم رضي الله عنهم أجمعين، ولكن شاهدنا هنا تواجد القيادة السريع في موقع الحدث.*وحدث آخر: كان رسول الله e بعيدًا عنه ثم سمع به فانظر ماذا فعل e ؟ يذهب رجﻼن إلى بئر لسقي الماء كعادتهم كل يوم؛ جهجهاه الغفاري ـ وهو مولى لعمر بن الخطاب أي هو من المهاجرين ـ ووبر بن سنان ـ من اﻷنصار ـ ، وأدلى كل منهما دلوه في الماء فاشتبكا كل منهما يريد أن ينزع دلوه أوﻻً، وكما رأيت إنها مشكلة بسيطة جدًا وﻻ تحتاج إلى تدخل، ولكن انتظر وﻻ تتعجل. اشتبك الرجﻼن ـ وهذا من نزغ الشيطان ـ ولطم كل منهما اﻵخر، فتصايحا فقال المهاجري: ياللمهاجرين. وقال اﻷنصاري: يالﻼنصار. فجاء المهاجرون ينتصرون للمهاجري الذي ضرب، وجاء اﻷنصار لنصرة اﻷنصاري الذي ضرب، وكل يرى صاحبه هو صاحب الحق، وهنا تضخمت المشكلة، فالمهاجرون واﻷنصار يرفعون السيوف ﻻ لقتال عدو ولكن لقتال بعضهم بعضًا، ويسمع بتصايحهم النبي e فماذا يفعل؟ يذهب مسرعًا إليهم في مكان اجتماعهم، وهو في الطريق يسمع المنافق عبد الله بن أبي بن سلول يقول: أوَقد فعلوها، لقد نافرونا وكاثرونا، إنما مثلنا ومثلهم ما قال اﻷول ـ يعني: على رأي المثل ـ سمِّن كلبك يأكلك. وفهم الرسول e أنه وصحابته المهاجرون هم المقصودون بهذا السباب، ولكنه لم يتوقف، ووصل إلى المهاجرين واﻷنصار في سرعة بالغة قبل أن يحدث شيء بينهم، ووقف بينهم قائﻼً: »الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! دعوها فإنها منتنة« ، فعاد الصحابة إلى رشدهم، وعلموا أن الشيطان ينزغ بينهم. لم ينتظر رسول الله e أن يُرفع إليه تقرير عن المشكلة، ويشكل لجنة تفحص المشكلة، ثم...، ثم...، ثم...، وأيضًا لم يتوقف للسباب الذي سمعه، بل مضي في طريقه ﻻجتثاث جذور المشكلة فبل نموها واستفحالها.*ثانيًا: قسم عملك إلى أربعة مراحل:
1ـ خطط*2ـ طبق*3ـ راجع*4ـ طور*هذه هي دورة أي عمل ناجح:* 1ـ تخطيط: أي وضع القواعد التي يتعامل بها العاملون مع المشكﻼت، ووضع حلول لها، ووضع العوامل التي تذلل العقبات من طريق العمل من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، مهما قل أو عظم ذلك الهدف ﻻبد من مرحلة التخطيط له.* 2ـ تطبيق: وفيه تنزل الخطة واﻷهداف للمرؤوسين لتفيذها بدقة بالغة حسب المتفق عليه، وﻻ يسمح باﻻجتهاد إﻻ في اﻷمور التي يصح فيها اﻻجتهاد الشخصي كاﻷمور البسيطة التي لم ترد في الخطة.* 3ـ مراجعة ومراقبة التنفيذ، فﻼ يكتفي المدير بوضع الخطط واﻷمر بتنفيذها فقط ثم اﻻعتماد بعد ذلك على التقارير المتدفقة عليه التي تخبره بأن العمل يسير وفق الخطة الموضوعة ـ وأن كله تمام ـ كﻼ، بل يجب عليه أن يتابع سير العمل هل يسير حسب الخطة الموضوعة أم ﻻ؟ ورحم الله عمر بن الخطاب حينما قال لمن حوله من أصحاب النبي e ذات يوم في خﻼفته رضي الله عنه »أرأيتم لو تخيرت أفضلكم ووليته على عمل ثم أمرته ونهيته أكنت أديت ما علي؟ قالوا: نعم. قال: ﻻ، حتى انظر في أمره أأدى ما أمرته به وانتهى عما نهيته عنه أم ﻻ؟« . هذه هي المراجعة والمراقبة، فﻼ يكفي وضع خطة جيدة وﻻ اﻷمر بتنفيذها فقط، بل يجب المراجعة للتأكد من سير العمل وفق ما خطط له، فما أكثر الخطط الجيدة التي وضعت ثم ذهبت أدراج الرياح ﻷن من وضعوها وأمروا بتنفيذها اكتفوا بالمقاعد الوثيرة، ولم يكلفوا أنفسهم عناء المتابعة، ففشلت الخطط العظيمة، فكان أصحابها الذين أمضوا الليالي الطوال في إعدادها هم أول من دق مسمارًا في نعشها بعدم متابعتهم لها. *4ـ بعد المراقبة والمراجعة والتقييم للخطة تأتي مرحلة التطوير لكي تستفيد أنت أوﻻً من أخطاء الخطة السابقة، فتعمل على تجنبها، فﻼبد من اﻻستفادة من اﻷخطاء.*ثمان وصايا لتطبيق ' جامبا كايزون ':* 1ـ إذا عرض عليك اقتراح جديد ﻻ تنظر إلى من قدمه ولكن انظر دائمًا إلى جدوى اﻻقتراح، وفكر دائما في 'كيف' تنفذ اﻻقتراح الجديد الجيد، وليس في 'لماذا' ﻻ تنفذه. فربما يصلك اقتراح جيد من عامل صغير بسيط فﻼ تتكبر.*فقد وقف رسولنا e يوم بدر على عين ماء وعسكر بجيشه، فجاءه جندي بسيط اسمه الحباب بن المنذر، فقال له: يا رسول الله، أهذا منزل أنزلكه الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: »بل هو الرأي والحرب والمكيدة« ، قال الحباب: ليس هذا بمنزل، الرأي عندي أن ننزل بأدنى ماء من بدر، ونغور ما وراءها من الماء. فقال e : »أشرت بالرأي« ، وتحول إلى الموضع الذي ذكره الحباب.* 2ـ كن طموحًا دائمًا واطمع في المزيد، فليس بعد التمام إﻻ النقصان، فإذا رضيت عن مستوى العمل الذي تعمل به أنت وأعوانك هبط المستوى بعد ذلك، وكن تواقًا إلى ما هو أفضل من ذلك، ولذا ﻻ تقبل مبررات انخفاض اﻹنتاجية من أعوانك. فهي ليست ثابتة وﻻ يجب أن تكون كذلك.*يقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: »ما تاقت نفسي إلى شيء ثم نلته إﻻ وتاقت إلى ما هو أفضل منه، تاقت إلى إمارة المدينة المنورة فلما وليتها تاقت نفسي إلى الخﻼفة، فلما نلتها تاقت نفسي إلى الجنة، وأسأل الله أن أنالها«.* 3ـ ﻻ تبحث عن الكمال في اﻻقتراح الجديد ـ فالكمال لله وحده ـ ، فقط نفذه ولو بنسبة نجاح 50%، فليس هناك اقتراح به نسبة نجاح 100% ، والعبرة كما قلنا بكيفية التخطيط له، ثم التنفيذ الدقيق، ثم المراقبة والمراجعة والتقييم ساعتها ربما تجد أن نسبة النجاح قد ارتفعت كثيرًا.* 4 ـ صحح اﻷخطاء فور وقوعها، وﻻ تتركها فتستفحل ثم تستعصي على الحل والتصحيح، واﻹنسان أسير العادات، فربما نشأ جيل كامل من العمال والمعاونين على خطأ وﻻ يستطيعون تغييره اﻵن قد تركه مدير سابق كان يقدر على تغييره بكلمة أو بإشارة.*ﻻ تجعل من تطبيقك لنظام 'كايزن' سببًا في زيادة التكاليف وزيادة اﻹداريات والروتينيات، إذ تكمن كفاءة 'كايزن' في تقليل الروتينيات، فﻼ تجعلها تتقلب إلى نقيضها كما يحدث ﻷغلب الممارسات اﻹدارية .*6 ـ تخلص من الجمود الفكري بشأن: 'أننا يجب أن نفعل ذلك، بهذه الطريقة فقط'، بل يجب عليك أن توجد قدرًا من الحرية في ممارسة أسلوب العمل، ولكن بما ﻻ يخرج عن الخطة الموضوعة.* 7 ـ كن يقظًا، فليست كل شكوى كيدية، وليس كل اعتراض على أمر نوعًا من التمرد يجب عليك قمعه، كﻼ حاول التحقيق في أمر الشكاوى وخاصة عند تكرارها من عمل معين أو مكان معين أو شخص معين، حتى يمكنك تطوير عملك والقضاء على مشاكله، فربما قضيت على المشكلة قبل أن تحدث، وهذا قمة النجاح. كما كان يفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قطع الشجرة، وحين عزل خالدًا كان يشعر بالمشكلة قبل أن تحدث، فيقطع ماء الحياة عنها رحمه الله ورضي عنه.* 8 ـ أمامك مسئوليتان: مسئوليتك عن اﻷفراد، ومسئوليتك عن العمل، فﻼ تجعل حبك لﻺنجاز يطغى على مسئوليتك عن اﻷفراد فتهلكهم أو تفقدهم، وﻻ تجعل اهتمامك باﻷفراد يطغى على العمل فيفسد العمل ويسوء، فتفشل في إدارتك للعمل. ولهذا بحث خاص إن شاء الله.* |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إتخاذ القرارات الإدارية (انواعها ومراحلها) | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 41 | 06-14-2024 08:13 PM |
مقدمه عن الإدارة | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 2 | 05-31-2024 05:21 AM |
الحاجه إلى الإدارة | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 1 | 11-16-2023 08:07 PM |
المدرسة الكلاسيكية أو التقليدية في الإدارة | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 3 | 09-03-2019 04:13 AM |
الحاجة إلى الإدارة | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 0 | 12-04-2011 05:53 PM |