|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||
|
||||||
فكر قبل ان تعمـــــــــــل!
فكر قبل ان تعمـــــــــــل!!! يالها من حكمة روي أن أحدَ الولاةِ كان يتجول ذات يوم في السوق القديم متنكراً في زي تاجر ، وأثناء تجواله وقع بصره على دكانٍ قديمٍ ليس فيه شيء مما يغري بالشراء ، كانت البقالة شبه خالية ، وكان فيها رجل طاعن في السن ، يجلس بارتخاء على مقعد قديم متهالك ، ولم يلفت نظر الوالي سوى بعض اللوحات التي تراكم عليها الغبار ، اقترب الوالي من الرجل المسن وحياه ، ورد الرجل التحية بأحسن منها ، وكان يغشاه هدوء غريب ، وثقة بالنفس عجيبة .. وسأل الوالي الرجل : دخلت السوق لاشتري فماذا عندك مما يباع !؟ أجاب الرجل بهدوء وثقة : أهلا وسهلا .. عندنا أحسن وأثمن بضائع السوق !! قال ذلك دون أن تبدر منه أية إشارة للمزح أو السخرية .. فما كان من الوالي إلا ابتسم ثم قال : هل أنت جاد فيما تقول !؟ أجاب الرجل : نعم كل الجد ، فبضائعي لا تقدر بثمن ، أما بضائع السوق فإن لها ثمن محدد لا تتعداه !! دهش الوالي وهو يسمع ذلك ويرى هذه الثقة .. وصمت برهة وأخذ يقلب بصره في الدكان ، ثم قال : ولكني لا أرى في دكانك شيئا للبيع !! قال الرجل : أنا أبيع الحكمة .. وقد بعت منها الكثير ، وانتفع بها الذين اشتروها ....! ولم يبق معي سوى لوحتين ..! قال الوالي : وهل تكسب من هذه التجارة !! قال الرجل وقد ارتسمت على وجهه طيف ابتسامة : نعم يا سيدي .. فأنا أربح كثيراً ، فلوحاتي غالية الثمن جداً ..! تقدم الوالي إلى إحدى اللوحتين ومسح عنها الغبار ، فإذا مكتوباً فيها : ( فكر قبل أن تعمل ) تأمل الوالي العبارة طويلا .. ثم التفت إلى الرجل وقال : بكم تبيع هذه اللوحة ..!؟ قال الرجل بهدوء : عشرة آلاف دينار فقط !! ضحك الوالي طويلا حتى اغرورقت عيناه ، وبقي الشيخ ساكنا كأنه لم يقل شيئاً ، وظل ينظر إلى اللوحة باعتزاز .. قال الوالي : عشرة آلاف دينار ..!! هل أنت جاد ؟ قال الشيخ : ولا نقاش في الثمن !! لم يجد الوالي في إصرار العجوز إلا ما يدعو للضحك والعجب .. وخمن في نفسه أن هذا العجوز مختل في عقله ، فظل يسايره وأخذ يساومه على الثمن ، فأوحى إليه أنه سيدفع في هذه اللوحة ألف دينار .. والرجل يرفض ، فزاد ألفا ثم ثالثة ورابعة حتى وصل إلى التسعة آلاف دينار .. والعجوز ما زال مصرا على كلمته التي قالها ، ضحك الوالي وقرر الانصراف ، وهو يتوقع أن العجوز سيناديه إذا انصرف ، ولكنه لاحظ أن العجوز لم يكترث لانصرافه ، وعاد إلى كرسيه المتهالك فجلس عليه بهدوء .. وفيما كان الوالي يتجول في السوق فكر ..!! لقد كان ينوي أن يفعل شيئاً تأباه المروءة ، فتذكر تلك الحكمة ( فكر قبل أن تعمل !! ) فتراجع عما كان ينوي القيام به !! ووجد انشراحا لذلك ..!! وأخذ يفكر وأدرك أنه انتفع بتلك الحكمة ، ثم فكر فعلم أن هناك أشياء كثيرة ، قد تفسد عليه حياته لو أنه قام بها دون أن يفكر ..!! ومن هنا وجد نفسه يهرول باحثاً عن دكان العجوز في لهفة ، ولما وقف عليه قال : لقد قررت أن أشتري هذه اللوحة بالثمن الذي تحدده ..!! لم يبتسم العجوز ونهض من على كرسيه بكل هدوء ، وأمسك بخرقة ونفض بقية الغبار عن اللوحة ، ثم ناولها الوالي ، واستلم المبلغ كاملاً ، وقبل أن ينصرف الوالي قال له الشيخ : بعتك هذه اللوحة بشرط ..!! قال الوالي : وما هو الشرط ؟ قال : أن تكتب هذه الحكمة على باب بيتك ، وعلى أكثر الأماكن في البيت ، وحتى على أدواتك التي تحتاجها عند الضرورة ..!!!!! فكر الوالي قليلا ثم قال : موافق ! وذهب الوالي إلى قصره ، وأمر بكتابة هذه الحكمة في أماكن كثيرة في القصر ، حتى على بعض ملابسه وملابس نسائه وكثير من أداواته !!! وتوالت الأيام وتبعتها شهور ، وحدث ذات يوم أن قرر قائد الجند أن يقتل الوالي لينفرد بالولاية ، واتفق مع حلاق الوالي الخاص ، أغراه بألوان من الإغراء حتى وافق أن يكون في صفه ، وفي دقائق سيتم ذبح الوالي !!!!! ولما توجه الحلاق إلى قصر الوالي أدركه الارتباك ، إذ كيف سيقتل الوالي ، إنها مهمة صعبة وخطيرة ، وقد يفشل ويطير رأسه ..!! ولما وصل إلى باب القصر رأى مكتوبا على البوابة : ( فكر قبل أن تعمل !! ) وازداد ارتباكاً ، وانتفض جسده ، وداخله الخوف ، ولكنه جمع نفسه ودخل ، وفي الممر الطويل ، رأى العبارة ذاتها تتكرر عدة مرات هنا وهناك : ( فكر قبل أن تعمل ! ) ( فكر قبل أن تعمل !! ) ( فكر قبل أن تعمل !! ) .. !! وحتى حين قرر أن يطأطئ رأسه ، فلا ينظر إلا إلى الأرض ، رأى على البساط نفس العبارة تخرق عينيه ..!! وزاد اضطرابا وقلقا وخوفا ، فأسرع يمد خطواته ليدخل إلى الحجرة الكبيرة ، وهناك رأى نفس العبارة تقابله وجهاً لوجه !! ( فكر قبل أن تعمل !!) !! فانتفض جسد ه من جديد ، وشعر أن العبارة ترن في أذنيه بقوة لها صدى شديد ! وعندما دخل الوالي هاله أن يرى أن الثوب الذي يلبسه الوالي مكتوبا عليه : ( فكر قبل أن تعمل !! ) .. شعر أنه هو المقصود بهذه العبارة ، بل داخله شعور بأن الوالي ربما يعرف ما خطط له !! وحين أتى الخادم بصندوق الحلاقة الخاص بالوالي ، أفزعه أن يقرأ على الصندوق نفس العبارة : ( فكر قبل أن تعمل ).. !! واضطربت يده وهو يعالج فتح الصندوق ، وأخذ جبينه يتصبب عرقا ، وبطرف عينه نظر إلى الوالي الجالس فرآه مبتسما هادئاً ، مما زاد في اضطرابه وقلقه ..! فلما هم بوضع رغوة الصابون لاحظ الوالي ارتعاشة يده ، فأخذ يراقبه بحذر شديد ، وتوجس ، وأراد الحلاق أن يتفادى نظرات الوالي إليه ، فصرف نظره إلى الحائط ، فرأى اللوحة منتصبة أمامه ( فكر قبل أن تعمل ! ) ..!! فوجد نفسه يسقط منهارا بين يدي الوالي وهو يبكي منتحبا ، وشرح للوالي تفاصيل المؤامرة !! وذكر له أثر هذه الحكمة التي كان يراها في كل مكان ، مما جعله يعترف بما كان سيقوم به !! ونهض الوالي وأمر بالقبض على قائد الحرس وأعوانه ، وعفا عن الحلاق .. وقف الوالي أمام تلك اللوحة يمسح عنها ما سقط عليها من غبار ، وينظر إليها بزهو ، وفرح وانشراح ، فاشتاق لمكافأة ذلك العجوز ، وشراء حكمة أخرى منه !! لكنه حين ذهب إلى السوق وجد الدكان مغلقاً ، وأخبره الناس أن العجوز قد مات !! = = انتهت القصة .. ولكنها عندي ما لم تنته .. بل بدأت بشكل جديد ، وفي صورة أخرى .! سألت نفسي : لو أن أحدنا كتب هذه العبارة مثلا : الله شاهدي .. الله ناظري .. الله معي (الله يراك..الله ينظر إليك..الله قريب منك..الله معك..يسمعك ويحصي عليك) كتبها في عدة أماكن من البيت ، على شاشة جهاز الكمبويتر مثلاً ، وعلى طاولة المكتب ، وعلى الحائط الذي يواجهه اذا رفع رأسه من على شاشة الحاسوب ، وفوق التلفاز مباشرة يراها وهو يتابع ما في الشاشة !! وعلى لوحة صغيرة يعلقها في واجهة سيارته ، وفي أماكن متعددة من البيت ، وفي مقر عمله ...!! الله شاهدي .. الله ناظري .. الله معي بل لو أن هذه العبارة لكثرة ما فكر فيها ، وأعاد النظر فيها ، استقرت في عقله الباطن ، وانتصبت في بؤبؤ عينيه واحتلت الصدارة في بؤرة شعوره ، وتردد صداها في عقله وقلبه ، حيثما حملته قدماه ، رآها تواجهه ..ونحو هذا .. الله شاهدي .. الله ناظري .. الله معي أحسب أن شيئا مثل هذا لو نجح أحدنا فيه ، سيجد له اثراً بالغا في حياته ، واستقامة سلوكه ، وانضباطاً في جوارحه ، وسيغدو مباركا حيثما كان ..!! ها أنا أقدم لكم هذه الحكمة ومجاناً لا أريد منكم جزاء ولا شكورا .. اللهم إلا دعوة بظهر الغيب .. |
|
|