|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||
|
||||||
التغيرالإداري كيف ولماذا ؟
بات معروفاً لدى الجميع أن التغيير أمر محتوم في كل مؤسسة ونظام.. ﻷن الزمان متحرّك والكفاءات البشرية في تنامٍ، والحاجات والضرورات في تزايد واتساع، وإلى هذا يستند القائلون بأن التغيير سنة من سنن الحياة.وعليه فإنه ﻻ يمكن أن تبقى اﻷعمال والمؤسسات واﻷنظمة على حالة واحدة دون تنام أو تغيير، فعلى الجميع أن يتغيّر ويغيّر من أساليبه وأفكاره، ابتداءً من الدول وأنظمة الحكم إلى المؤسسات وحتى الدوائر اﻻجتماعية الصغيرة في البيت واﻷسرة، ولعلّ قوله سبحانه: ( إن الله ﻻ يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (1) يشير إلى بعض ذلك؛ فليس الجيل السابق نفس الحالي وﻻ اﻷبناء اليوم نماذج مكرّرة ﻷبناء اﻷمس، كما إن ثقافة الغد ليست تكراراً لثقافة اليوم.. فلكلّ جيل أفكار وطموحات وهموم قد تتفق معها اﻷجيال اﻷخرى وقد تختلف. فإذا لم نبدأ بتغيير أوضاعنا وتطويرها بحريّة وعقﻼنية وتوجيه، فإنه سيُفرض علينا التغيير، وربما في أشكال غير محمودة العواقب.إذن ﻻبد أن نغيّر ما في أنفسنا وأفكارنا ومناهجنا إلى اﻷفضل ما دام التغيير سنة من سنن الحياة وإﻻ فإن التغيير سيكون نحو اﻷسوأ.دواعي التغييرإن الدواعي التي ينشأ منها التغيير عديدة وربما نلخص بعضها فيما يلي:
1- المجتمع سواء أكان أيديولوجياً أم اجتماعياً أم تكنولوجياً. 2- المسؤولون والعاملون في مختلف الشؤون والمجاﻻت.. باعتبار أن التغيير والمواكبة للظروف وسيلة للحفاظ على المؤسسة وضمان بقائها في مجتمع متغير ومتطور بشكل مستمر. 3- الضرورات والحاجات والتطلّعات. 4- الضغوطات الخارجية.كلنا يشاهد اليوم دخول أنظمة الحواسيب والطفرات العلمية المتسارعة في جميع المؤسسات والدوائر (كنموذج إداري)، كما نلمس وبوضوح التطلّعات الكبيرة التي تحفّز في الجيل الجديد نوازع الحرية واﻻنفتاح والتعايش مع الديمقراطية معايشة إيجابية فاعلة (كنموذج فكري وثقافي).هذه بعض النماذج للضرورات والدواعي التي تشكّل بالتالي القوة الدافعة إلى التغيير في بعض المؤسسات والمنظمات التي تتعامل إدارياً بالروتين القديم واﻷنظمة البدائية، وتظهر هذه الضغوطات ليس في قوة الدفع والتحريك فقط. بل تظهر آثارها أيضاً في مستوى اﻷداء وتحسينه أو سرعته وتطوره؛ فﻼ يقدر أحد أن يراهن على بقائه إذا وقف أمام عجلة التطور والنمو، وﻻ يمكن ﻷحدنا أن يزعم أنه اﻷقوى على تحدي ضرورات الحياة ومخالفة سننها، فضرورة العقل والحكمة تدعو إلى عقلنة التغيير وتوجيهه نحو اﻷفضل.. ﻷننا ﻻ نريد من التغيير مجرد التحول إلى وضع معين على خﻼف ما كنا عليه من قبل، بأيّ شكل كان، ﻷن هذا إخﻼل بالتوازن غير معروف المصير، بل نريد من التغيير التطوير ذا الطموحات العالية واﻻنفتاح اﻹيجابي، والخطط البناءة للوصول إلى اﻷهداف؛ فما لم يتصف بالسمات التالية ﻻ يمكن أن نعدّه تغييراً إيجابياً: 1- أن يكون معروف اﻷهداف ومعروف الوسائل. 2- أن يكون ضمن خطة مدروسة ومتوازنة. 3- أن يكون ضمن الضوابط والتوجيه الصحيح لكي ﻻ يخرج عن السيطرة المتوازنة. 4- أن يأتي بطموحات وتطلّعات جديدة للمؤسسة والعاملين فيها ويزيدهم حماساً وتماسكاً. 5- أن يأتي بفرص عمل جديدة تأخذ بأيدي الجميع إلى التقدم. 6- رفع مواقع الضعف واﻻختﻼﻻت السابقة عبر إزالة النواقص والسلبيات القديمة التي ثار التغيير عليها .7- يزيل العوائق التي كانت تزيد من ضعف المؤسسة أو تقلل من إيجابياتها. 8- اكتساب اﻹدارة عناصر أو مهارات جديدة لتحقيق اﻷهداف.. وغير ذلك من السمات التي في مجموعها تعدّ مؤشراً حقيقياً للتغيير اﻹيجابي الذي يحقق طموح المؤسسة في البقاء ويضعها في قائمة المؤسسات المنافسة. ويمكن أن تعرّف إدارة (التغيير) بأنها الجهاز الذي يحرك اﻹدارة والمؤسسة لمواجهة اﻷوضاع الجديدة وإعادة ترتيب اﻷمور بحيث يمكن اﻻستفادة من عوامل التغيير اﻹيجابي، وتجنّب أو تقليل عوامل التغيير السلبي، أي إنها تعبّر عن كيفية استخدام أفضل الطرائق اقتصاداً وفعالية، ﻹحداث التغيير لخدمة اﻷهداف المنشود. وتستخدم إدارة التغيير أسلوبين في ذلك: اﻷول - أسلوب دفاعي: ويتمثّل في الغالب في محاولة سدّ الثغرات وتقليل اﻷضرار التي يسببها التغيير، إذ إن من الواضح أن كل تغيير أو تجديد أو تطوير يستلزم هدم غير النافع أوﻻً قبل البناء. واﻹدارة التقليدية حيث ﻻ تؤمن بضرورة التغيير، أو ﻻ تملك شجاعة اﻹقدام عليه أصﻼً أو أسلوباً، فإن حكمتها تدفعها لسدّ الثغرات والنواقص التي تنجم عن العملية التغييرية، ﻷن ذلك في نظرها أفضل أسلوب يحفظ إلى حدٍّ ما كيان المؤسسة مع خسائر أقل؛ لذلك فإن هذا اﻷسلوب يتّسم بأنه دفاعي، ويتخذ شكل رد الفعل عن فعل التغيير، أي إن اﻹدارة تنتظر حتى يحدث التغيير ثم تبحث عن وسيلة للتعامل مع اﻷوضاع الجديدة.. وغالباً ما تكتفي فيه اﻹدارة بمحاولة التقليل من اﻵثار السلبية الناجمة عن التغيير.بينما قد تستدعي الحكمة في بعض اﻷحيان مواكبة التغيير بأسلوب مدروس والسعي لﻼستفادة من الفرص الجديدة التي يتيحها في تبديل بعض المواقع أو اﻷفراد والعاملين أو تطوير أساليب العمل، ﻷن هذا أضمن لبقاء المؤسسة وأحفظ لها من السقوط.الثاني: أسلوب اﻻحتواء: وهو أسلوب هجومي في الغالب يقوم بالتنبؤ بما تتطلبه المرحلة من طموحات وآمال وما تملكه من قدرات، وتوجهها بالحكمة والحنكة نحو تحقيق اﻷهداف برويّة وموازنة، وهذا يتطلب من المدراء توقع التغيير بل والتنبؤ به ليمكّنهم من التعامل معه ثم تحقيق النتائج اﻷفضل.وهذا اﻷسلوب يتطلب من اﻹدارة المبادرة ﻻتخاذ خطط وبرامج من جانبها ﻹحداث التغيير أو تنظيمه وضبطه ليصبّ في الصالح العام، هذا في البعد اﻹيجابي، أما في البعد السلبي فإنه يتطلب منها اتخاذ اﻹجراءات الوقائية لمنع التغيير السلبي المتوقع أو تجنبه.إن التغييرات التي تحدث في المؤسسات غالباً ما تهزّ توازنها كلياً أو جزئياً، ولذا تتطلب أسلوباً إدارياً يختلف عن اﻷسلوب التقليدي لتكون اﻹدارة قادرة وعلى مستوى جيّد من الحكمة والهدوء على احتوائه وتنظيمه وتحقيق التوازن الجديد للمؤسسة وفق مبدأ عمل اﻷشياء الصحيحة بطريقة صحيحة بدﻻً من مبدأ عمل اﻷشياء بطريقة صحيحة فقط، والذي يعتمد عليه اﻷسلوب التقليدي في الغالب.وبهذا يظهر الفرق الجوهري بين اﻷسلوبين الدفاعي والهجومي؛ فإن اﻷول يعتمد على الضوابط ﻹعادة اﻷمور إلى نصابها، فإذا تجاوزت النصاب انفلت الزمام من أيدي اﻹدارة وعاد عليها بالضرر.بينما اﻷسلوب الهجومي يدرس الصحيح ويقبله، ويردّ الخطأ ويتجنبه؛ لذلك فإنه ينحى منحىً وسطاً يواكب الطموحات والتطلّعات، فيأخذ بالصحيح ويتجنّب الفاسد؛ وبذلك فهو يعدّ أسلوباً أفضل ﻹبقاء المؤسسة والمحافظة على كيانها وعلى تفوّقها في اﻷداء.التغيير المدروس وغير المدروسإن التغيير ليس هدفاً بل هو طريق؛ فإن اتخاذ التغيير هدفاً بذاته ينتهي إلى ضدّه، ويتحوّل إلى فوضى واضطراب ﻻ تحمد عواقبه.لذا ينبغي أن نميز بين التغيير العشوائي الذي يحدث بﻼ إعداد وتهيئة ودراسة كافية له، وبين اﻵخر الذي يخضع لعمليات توجيه وقيادة حكيمة وخطط مدروسة؛ لذلك فإن اﻵثار التي تترتّب على كﻼ النوعين في التغيير متباينة؛ فالتغيير العشوائي أمر سهل وبسيط ويمكن البدء به بسرعة، ﻷنه هدم، والهدم أمره سهل وبسيط خصوصاً في الجماعات التي يعاني أفرادها من أزمة الوعي، أو تعاني صفوفها من التراكمات والتوتّرات السلبية الكامنة أو المحدودة، لذلك فإن مجرّد الدعوة إليه والسير باتجاهه يؤدي إلى تمزيق وحدة الصف، وتفكيك اﻷواصر، واﻻنتهاء بالمؤسسة والعاملين فيها إلى أسوأ اﻷوضاع، بخﻼف التغيير المخطط فهو أمر صعب ويحتاج إلى المزيد من العناية والتفكير والتصميم واﻹرادة، وقبل كل ذلك الوعي الخﻼّق، وإدراك ضرورته، وضرورة العمل عليه لردم الفجوات ورفع النواقص وسدّ الثغرات، أو لرفع مستوى العمل واﻷداء، أو فتح آفاق التطلّعات واﻷهداف إلى اﻷعلى.لذلك فإنه إذا تم اﻹعداد المناسب له فإنه سيحدث قفزة نوعية في العمل والعاملين، في أي مؤسسة كانوا، وعلى أي صعيد عملوا.ومن هنا ينبغي على اﻹدارات أن تتنبأ بالمستقبل دائماً وتدرس أوضاعها وأفكارها وتخطط للتغيير والتطوير كلما أدركت أن هناك حاجة إليه أو ضرورة تتطلّبه، فإنها بهذا اﻷسلوب تكون قد احتوت اﻷمر واستثمرته على أحسن ما يرام وإﻻ فإن اﻷمور قد تنقلب، وتتبدّل اﻹيجابيات إلى سلبيات.مقاومة التغييرتعتبر إدارة التغيير من أصعب المهمات اﻹدارية المبدعة؛ ﻷنها ﻻ تتوقف على الممارسة الصحيحة فقط، بل التخطيط الناجح أيضاً ووضع النقاط على الحروف، والفكرة المناسبة في الظرف المناسب، والرجل المناسب في مكانه المناسب.. وتشتدّ الصعوبة إذا واجه المدراء أفراداً يفضلون ما اعتادوا عليه، أو يتخوّفون بدرجة كبيرة من الحساسية من التغيير، ﻷن بعض اﻷفراد يرون في التغيير تهديداً لجهود كبيرة بذلت ﻷجل إقامة العمل وتكوين عﻼقات وروابط متينة، أو هدراً للطاقات، وبعضهم اﻵخر يرى فيه تهديداً لمصالحه الخاصة، ولهذا فإن ردّ الفعل الطبيعي على التغيير في أغلب اﻷحيان هو مقاومته في البداية بقوة، وعرقلة مسيرته ﻹضعافه وإفشاله.لذا تصعب مهمة المدراء هنا ﻷنها تتطلب منهم القيام بعمليات توجيه وتوعية وتطمين كافية لزيادة الثقة واﻻستقرار وتحويل الخوف منه إلى قناعة، والعرقلة إلى دفع، وهذا ﻻ يتم إﻻّ إذا تمكنا من إقناع اﻷطراف بأن التغيير هو تقدم نحو اﻷفضل، وأن التغيير من هذا المنظور سيكون في النهاية في نفع الجميع ويصبّ في خدمة العمل والمؤسسة؛ لذلك يجب على المعنيين بإدارة التغيير توضيح أسبابه وأهدافه للعاملين، لتكوين رأي عام جيّد، وكتلة من العاملين تدعم المشروع وتبني لبناته.ذلك أن عدم فهم الدوافع والغايات، وعدم إيجاد من يحمي الفكرة ويتبنّى آلياتها، يوجد روح المقاومة له، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إتجاهـات حـديثـة في الفكــر الإداري | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 1 | 05-01-2024 05:16 PM |
مبادئ هامة ينبغي معرفتها عند إتخاذ القرار الأداري | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 1 | 12-06-2023 08:02 AM |
إتجاهات حديثة في الفكر الإداري | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 1 | 12-04-2023 04:11 AM |
القرار الإداري تعريفه وأركانه | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 2 | 11-24-2023 02:40 AM |
إتجاهات حديثه في الفكر الإداري | أم غلا | أكاديمية إدارة الموارد البشرية | 3 | 11-19-2019 09:02 AM |