أبسط مفاهيم اﻹدارة :بما أن الكثير منا يدير أو يشارك في إدارة مؤسسة وربما الكثير ﻻ يجد منا الوقت أن يتعلم أسس اﻹدارة الحديثة، وهو من اﻷخطاء الشائعة التي يقع فيها أكثر إخواننا القادة والمدراء.
أحببت أن أسهم مع إخواني في تقديم هذه الكلمات من واقع تخصصي في تدريس علوم إدارة اﻹعمال، وبحكم تجربتي السابقة في إدارة المؤسسات الخيرية.تعرف اﻹدارة بأبسط معانيها ، أنها:تقديم العون لﻶخرين ، أو خدمة الغير، أو تنفيذاﻷعمال من خﻼل اﻵخرينأو العمل بالعقل ﻻ بالعضﻼت.
وأشمل تلك التعريفات:أنها إدارة الموارد المتاحة لتحقيق اﻷهداف بأعلى جودة واقل تكلفة وأسرع وقتفأما كونها تقديم الخدمة لﻶخرين وخدمة الغير، ﻷنها تعني تقديم خدمات لﻶخرين سواءخدمات أو سلع مثل المطاعم والفنادق والسياحة أو الجامعات والمستشفيات، وتشمل كافة أنواع الصناعات التي يحتاجها الناس، وهي بالتالي تعتبر خدمات.هذه الخدمات تقدم للمستفيدين مقابل تكاليف تغطي قيمة الخدمة مع هامش ربح مناسبفهي إذن منفعة مشتركة بين المستفيدين وبين مقدمي الخدمة، ويستثنى من ذلك المنظمات غير الربحية ويدخل فيها منظمات القطاع الخيري.وأما كونها تنفيذ اﻷعمال من خﻼﻻﻵخرين، والعمل بالعقل ﻻ بالعضﻼت، فان مهمة المدير ليست مباشرة تنفيذاﻷعمال في الميدان نيابة عن موظفيه، لكن مهمته اﻷساسية عقلية فكرية تتمثل في التخطيط لعمل المؤسسة، وشرح الرؤى والسياسات وأهداف العمل للمنفذين ، وتوضيح طرقانجازه بالتفصيل الممكنة ، ثم توفير الظروف واﻹمكانات الﻼزمة لتنفيذ اﻷعمال، وحل المشكﻼتالتي قد تعوق عملية التنفيذ.وأخيرا التشجيع والتحميس والتحفيز، وأحيانا المعاقبة بعلم وعدل ﻻ بجهل وهوى ، فيما إذاحصل تمادي من اﻷفراد في رفض اﻷوامر أو التقاعس عن تنفيذها.وباﻷخير هو المسئول عن انجاز أوفشل هذه اﻷعمال أمام الجهة التي كلفتهفإذا فشل، فﻼ يحق له أن يتهرب عن المسئولية ويلقيها علىاﻷتباع، بل يقول بكل شجاعة، هذا تقصير من عندي وطريقة إدارتي أتحمل مسئوليته.كما قال أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - "والله لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها لمَ لمْ تمهد لها الطريق يا عمر"أن عمر يرسم للقادة واﻹداريين منهجية في استشعار المسئولية الشخصية التي يجب عليهم استشعارها ، ومنهجية أخرى ضمنية هي تجنب إلقاء المسئولية على اﻵخرين.وهذا يفسر سر إقالة الوزير إذا أخطأت إدارة أو قسم في أقصى وزارته في اﻹدارة المعاصرة.وإذا نجح المدير في تحقيق اﻷهداف ، فﻼيجوز له أن يسارع إلى إسناد الفضل إلى نفسه وتجنب اﻹشادة بجهود المنفذين، أو على حساب جهودهم ، ولكن يقول هم هؤﻻء أعضاء الفريق المخلص الذين تعبوا وسهروا ، ولوﻻهم ما أنجز العمل. إن هذا السلوك هو نوع من اﻷجور والحوافز المعنوية رخيصة الثمن عظيمة اﻷثر في نفوس العاملين، والتي ﻻ يجيدها – مع اﻷسف – الكثير من القادة والمدراء والمسئولين.من يقوم مقام ربان السفينة أو قائد الطائرة:إذا تخلى المدير عن مهامه اﻷساسية وبدأ يمارس مهام اﻷفراد العاملين معه، فانه حينها يكون قد ترك موقع القيادة كما يتخلى الربان أو قائد الطائرة عن موقعه الرئيس إلى مواقع فرعية أقل أهمية ﻻ تعنيه كثيرا ، ﻷنه بامكانية أكثر من فرد القيام تنفيذها، بينما مهمته اﻷساسية ﻻ يجيدها أحد سواه.ولهذا السبب قد تحيد السفينة أو الطائرة عن خط سيرها وقد تتعرض للخطر المحقق ، ومثلهما تميل المؤسسة بقدر ميل الربان أو القائد عن موقعه.وهذا ﻻ يعني البتة الدعوة إلى منع المدير من المشاركة والتعاون والتعليم والتدريب ، فهذه تعد من المهام اﻷساسية لوظيفته، لكني اقصد الميل الدائم غير الواعي أو الغياب المستمر، إلى اﻻنشغال باﻷعمال التنفيذية وترك موقع القيادة والتخطيط والنظر في اﻻستراتيجيات وأحوال اﻷسواق والمنافسين ومكامن تطوير المؤسسة وحل مشكﻼتها والنظر في تجارب اﻵخرين، ونقلها إلى مؤسسته ، للبدء من حيث انتهوا وتجنب تكرار اﻷخطاء والتجارب الفاشلة التي وقعوا بها.فإذا أدرك المدراء والعاملون هذه المعاني نجحت اﻷعمال ونجحت المؤسساتوإﻻ فمتى ندرك النجاح ونحن ﻻ نلم بأبجديات ومبادئ اﻹدارة، خاصة و الكثير منا يديرون مؤسسات وﻻ يعرفون تلك اﻷبجديات.فائدة مهمة :مصطلح مؤسسة أو منظمة أو منشأة أو شركة ، تحمل نفس المعنى للدﻻلة على أي عمل يقوم به مجموعة من الناس – اثنين فأكثر- يتقاسمون العمل فيما بينهم لتحقيق هدف أو أهداف مشتركة.ويدخل البيت واﻷسرة ضمنا في نفس التعريف.