عند تناول نشأة الإدارة ينبغي التفريق بين ثلاث أمور هي الإدارة كممارسة , والإدارة كفكر , و الإدارة كعلم مستقل : ·
الإدارة كممارسة: نشأت الإدارة كممارسة في العصور القديمة، ولا غرابة إذا قلنا إنها كانت حاضرة منذ بدء الخليقة، فالمجتمعات القديمة وإن كانت تتسم بالبساطة فقد كانت بحاجة إلى تنظيم العلاقات بين أفرادها لتحقيق أهداف محددة، وظهرت بعض الممارسات الإدارية عندما أدرك الإنسان أن التعاون مع الآخرين أصبح ضرورة حيوية للبقاء والنماء. وتعد الأسرة نواة العمليات الإدارية، فقد كانت منذ الأزل تقوم بعدد من الوظائف كتقسيم العمل وتوزيع الأدوار واتخاذ القرارات والقيادة وممارسة السلطة. ·
الإدارة كفكر: ظهر الفكر الإداري في الحضارات الإنسانية منذ آلاف السنين، ويبدو ذلك جلياً في التراث الإنساني القديم، فقد ظهرت الأفكار وبعض التطبيقات الإدارية في الحضارة المصرية القديمة كالتخطيط الإداري والرقابة، وظهر التنظيم في الحضارة الصينية من خلال دستور الفيلسوف "تشاو" الذي تضمن المهام والواجبات الوظيفية لموظفي الدولة كافة، وظهر التنظيم المتدرج (الهرمي) وتفويض السلطة والتقسيم الإداري وفقاً للبعد الجغرافي في الإمبراطورية الرومانية، وقدمت الإمبراطورية اليونانية الكثير من الأفكار والتطبيقات حول التخصص واختيار الموظفين وتفويض السلطة. ·
الإدارة كعلم مستقل: تعد بداية القرن العشرين مرحلة فاصلة في نشأة الإدارة كعلم قائم بذاته يستند إلى مقومات شأنه في ذلك شأن بقية فروع العلم والمعرفة، فظهرت النظريات والتجارب والدراسات التي استخدمت الأسلوب العلمي، وأصبح التخصص في دراسة هذا الحقل أمراً مألوفاً، وشهد القرن العشرون العديد من الإسهامات، ومال المتخصصون إلى تصنيفها في مدارس عدة، ومن الجدير بالذكر أن هذه التصنيفات التي وردت في الدراسات الإدارية العربية والأجنبية قد انطوت على بعض القواسم المشتركة، إلا أنها في الوقت نفسه تباينت في جزء أو أكثر، وهو ما تسبب في وجود بعض اللبس والغموض، وخصوصاً لدى حديثي العهد بدراسة الإدارة.